بداية لا يوجد هناك إنسان على وجه البسيطة معصوم من الخطأ، ولهذا وضع القانون المقارن والذي استفاد منه كثيراً نظام المرافعات الشرعية لدينا، مبدأ التقاضي على درجتين، وهو مفهوم عادل للغاية يحمل بين طياته رسالة مبطنة إلى قاضي الدرجة الأولى بأن عليه تحري الحقيقة بكل أمانة وموضوعية لأن هناك بالدرجة الثانية دائرة استئنافية مكونة من ثلاثة أو خمسة قضاة ستدقق الحكم، كما وأن هذا المبدأ يعد ضمانة أكيدة للمحكوم عليه الذي يرى بأنه ظلم كثيراً حين يمنحـه فرصـة أخرى لكسب القضية إما بنقض الحكم أو بإبـداء الملاحظات حوله.
حين يصدر الحكم على المدعى عليه، ويبدي عدم القناعـة، فإن التظلم يكلفه الشيء الكثير، بداية بالأثر النفسي الذي يلازمه بفعل خسارة القضية التي كان مقتنعاً تماماً بسلامة موقفه النظامي فيها، ومروراً بالتكلفة المادية الباهظة والجهد الكبير الذي تكبده لإعداد اللائحة الاستئنافية، وانتهاء بالضرر المعنوي الذي يرافقه لحين البت في اعتراضه وقد أصبح في نظر الناس جميعاً شخصاً مداناً وأمله الأخير بمحكمة الاستئناف لتنصفه وترد اعتباره.
وفقاً للنظام فإن محكمة الدرجة الثانية (الاستئناف) لا يقف دورها عند مراقبة صحة الحكم، بل يمكن لها إعادة الفصل في القضية في ضوء القواعد الشرعية والنظامية، كما يمكنها متى رأت الحاجة إلى المرافعة طلب المتخاصمين وسماع أقوالهما إمعاناً في الوصول إلى الحقيقة، لكن الحاصل أن المراجع لمحكمة الاستئناف خاصة الدوائر الحقوقية والتجارية والأحوال الشخصية لا يمكنه الصعود للأدوار العلوية ومقابلة أصحاب الفضيلة، وبالتالي فإنه يضطر لانتظار إبلاغه بنتيجة تظلمه على أمل أن توصل العريضة الطويلة التي قدمها مشاعر الحرقة التي تكتنفه منذ الحكم عليه.
لدى الكثير من الناس شعور لا يمكننا تجاهله، خاصة أولئك الذين حضروا في الموعد لمعرفة رد الاستئناف على تظلمهم، فلم يجدوا سوى ختم المصادقة وعبارة مقتضبة تفيد بأنه «بعد الدراسة تم تأييد الحكم وأصبح نهائي واجب النفاذ»، هنا يصاب المراجع بدوار شديد فيتمتم قائلاً: شكل محكمة الاستئناف لم تقرأ القضية كما يجب!؟
لمحو هذا الانطباع الشائع، ولكوننا نلاحظ الردود المركزة والمقنعة التي يضعها قضاة الاستئناف عند نقضهم للأحكام، فإنني أقترح أن يتضمن قرار التأييد أيضاً الحيثيات التي على أساسها تم الوصول لهذا النتيجة، وليكن ذلك بتفنيد الأسباب التي أبداها قاضي الدرجة الأولى، وبتحليل ونقد المستندات والدفوع التي تعب المتظلم كثيراً في جمعها وكتابتها، ليس من المنطق أبداً بعد هذا الجهد كله، أن تكتفي محكمة الاستئناف بوضع ختم التأييد، وكأننا أمام الغرفة التجارية التي تختم بالمصادقة على صحة توقيع مدير المنشأة دون أدنى مسؤولية عليها فيما يتعلق بالمضمون!؟
حين يصدر الحكم على المدعى عليه، ويبدي عدم القناعـة، فإن التظلم يكلفه الشيء الكثير، بداية بالأثر النفسي الذي يلازمه بفعل خسارة القضية التي كان مقتنعاً تماماً بسلامة موقفه النظامي فيها، ومروراً بالتكلفة المادية الباهظة والجهد الكبير الذي تكبده لإعداد اللائحة الاستئنافية، وانتهاء بالضرر المعنوي الذي يرافقه لحين البت في اعتراضه وقد أصبح في نظر الناس جميعاً شخصاً مداناً وأمله الأخير بمحكمة الاستئناف لتنصفه وترد اعتباره.
وفقاً للنظام فإن محكمة الدرجة الثانية (الاستئناف) لا يقف دورها عند مراقبة صحة الحكم، بل يمكن لها إعادة الفصل في القضية في ضوء القواعد الشرعية والنظامية، كما يمكنها متى رأت الحاجة إلى المرافعة طلب المتخاصمين وسماع أقوالهما إمعاناً في الوصول إلى الحقيقة، لكن الحاصل أن المراجع لمحكمة الاستئناف خاصة الدوائر الحقوقية والتجارية والأحوال الشخصية لا يمكنه الصعود للأدوار العلوية ومقابلة أصحاب الفضيلة، وبالتالي فإنه يضطر لانتظار إبلاغه بنتيجة تظلمه على أمل أن توصل العريضة الطويلة التي قدمها مشاعر الحرقة التي تكتنفه منذ الحكم عليه.
لدى الكثير من الناس شعور لا يمكننا تجاهله، خاصة أولئك الذين حضروا في الموعد لمعرفة رد الاستئناف على تظلمهم، فلم يجدوا سوى ختم المصادقة وعبارة مقتضبة تفيد بأنه «بعد الدراسة تم تأييد الحكم وأصبح نهائي واجب النفاذ»، هنا يصاب المراجع بدوار شديد فيتمتم قائلاً: شكل محكمة الاستئناف لم تقرأ القضية كما يجب!؟
لمحو هذا الانطباع الشائع، ولكوننا نلاحظ الردود المركزة والمقنعة التي يضعها قضاة الاستئناف عند نقضهم للأحكام، فإنني أقترح أن يتضمن قرار التأييد أيضاً الحيثيات التي على أساسها تم الوصول لهذا النتيجة، وليكن ذلك بتفنيد الأسباب التي أبداها قاضي الدرجة الأولى، وبتحليل ونقد المستندات والدفوع التي تعب المتظلم كثيراً في جمعها وكتابتها، ليس من المنطق أبداً بعد هذا الجهد كله، أن تكتفي محكمة الاستئناف بوضع ختم التأييد، وكأننا أمام الغرفة التجارية التي تختم بالمصادقة على صحة توقيع مدير المنشأة دون أدنى مسؤولية عليها فيما يتعلق بالمضمون!؟